التغيير و الاستخلاف: نحومنهجية اسلامية معاصرة للتغيير لتحقيق الاستخلاف الثانى للامة

التغيير و الاستخلاف: نحومنهجية اسلامية معاصرة للتغيير لتحقيق الاستخلاف الثانى للامة
د. صبرى محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم الاسلامية فى جامعة الخرطوم
sabri.m.khalil@gmail.com
الوعد الالهى باستخلاف الأمة : أشار القران الكريم إلى الوعد الالهى باستخلاف أمة التكليف “الامه الاسلاميه” باممها وشعوبها التكوينية المتعددة ” ومنها الأمة العربيه – المسلمة ” ، في قوله تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ …)(النور:55).
التصور الشامل للاستخلاف ورفض التصورالجزئى له: والاستخلاف مفهوم شامل ذو أبعاد متعددة – بتعدد مجالات الحياه – السياسيه، الاقتصاديه، الاجتماعيه، الحضارية…،وبالتالى لا يجوز اختزاله في بعد معين من ابعاده، كالبعد السياسي مثلا كما يفعل مذهب التفسير السياسي للدين – الذى يطلق عليه البعض خطأ اسم الإسلام السياسي – والذي يختزل الدين فى بعده السياسى.والذى هو بدعه فى ذاته ، وفيما يلزم منه من مفاهيم.
انماط الاستخلاف: وتتضمن الآية الإشارة إلى أنماط متعددة من الاستخلاف هي :
أولا: الاستخلاف الاصلى – المثال : ويتضمن:
ا/ الاستخلاف النبوي ( المثال الاتباعي) : الاستخلاف الذي تشير إليه الدلالة الاصليه للأيه ، وهو استخلاف الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، و هو قسم من أقسام الاستخلاف الخاص، الذي مضمونه استخلاف الله تعالى لفرد معين ، والذى ينفرد به الرسل والأنبياء ، ولا يجوز نسبته إلى غيرهم . وهو مثال”نموذج” اتباعى لاى استخلاف للامه ، اى مثال “نموذج” واجب الإتباع لتحقيق الاستخلاف الاسلامى في اى زمان ومكان، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ (آل عمران : 31- 32) .
ب/الاستخلاف الراشدي ( المثال الاقتدائى): وهو استخلاف الخلفاء الراشدين خاصة والسلف الصالح(الصحابة والتابعين) عامه، وهذا الاستخلاف هو أعلى درجات الاستخلاف العام ، وهو مثال ” نموذج ” اقتدائي لاى استخلاف للامه، اى مثال(نموذج) واجب الاقتداء لتحقيق الاستخلاف الاسلامى في اى زمان ومكان،قال تعالى (فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا)(البقرة: 137).
ثانيا:الاستخلاف التبعى: وهو الاستخلاف الذي تشير إليه الدلالة التبعية للأيه، وهو الاستخلاف الأمة بعد الخلافة الراشدة ، وهو قسم من أقسام الاستخلاف العام، ويتضمن هذا الاستخلاف أيضا أنماط متعددة من الاستخلاف – تمثل مراحل متعددة للاستخلاف العام للامه منها :
ا/ استخلاف الامه في الماضي (الاستخلاف العام الاول للامه): وهو استخلاف الأمة بعد الخلافة الراشدة، وقد كان قائما على الاتصال الزمانى بالاستخلاف المثال – بنوعيه النبوي” والاقتدائى”الراشدي”- كما كان قائما على الاتصال المتناقص بالاستخلاف المثال بنوعيه ، بمعنى انه تضمن انقطاع قيمي تدريجي عنه.
ب/ استخلاف الامه في الحاضر (الاستخلاف العام الثانى للامه): وتحققه يكون بعد انقطاع زماني وقيمي عن الاستخلاف المثال بنوعيه – النبوى ” الاتباعى” والراشدى “الاقتدائى”-
ج/ الاستخلاف العام للأمة في المستقبل الدنيوي” الشهادى “: وعدد مرات تحققه غير معلوم ، لان زمن انقضاء الحياة الدنيا ” عالم الشهاده” غير معلوم لانه من الغيب.
د/ استخلاف العام للأمة في المستقبل الأخروي” الغيبي “: وهو الاستخلاف الذي سيتحقق فى آخر الزمان- والذي هو ممكن التحقق فى اى زمان، لان زمن هذا التحقق غير معلوم لانه من الغيب – وهو الاستخلاف العام الأخير للامه.
شروط الاستخلاف : وتحقق الاستخلاف متوقف على الالتزام بشروطه التى تتضمن :
ا/ شروط نصية مطلقة : وهى شروط تحققه فى كل مكان (كل الامم والشعوب التكوينيه لامه التكليف “الامه الاسلاميه “) ، وكل زمان (الماضى والحاضر والمستقبل). وتتمثل في جمله من المفاهيم والقيم والقواعد الكلية ، التي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ، والتى تحدد – ولا تلغى – المستويات والابعاد المتعدده للاستخلاف ” السياسيه ، الاقتصاديه، الاجتماعيه، الحضاريه …”.
ب/ شروط اجتهادية مقيدة : وهى شروط تحققه فى مكان معين (هو هنا امه تكوين معينه هى الامه العربيه – المسلمه بشعوبها المتعدده )، وزمان معين (الحاضر اى واقعنا المعاصر). و تتمثل في المستوى الجزئي ” المعين زمانا ومكانا ” ، لجمله من المفاهيم والقيم والقواعد ، والتى حث عليها الاسلام طبقا لمستواها الكلى “غير المقيد بزمان او مكان معين “، واستنادا الى ما قرره العلماء من ان السياسة الشرعية هي ما كل يحقق مصلحة الجماعة ولو لم يرد فيه نص، كقول ابْنُ عَقِيلٍ(السِّيَاسَةُ مَا كَانَ فِعْلاً يَكُونُ مَعَهُ النَّاسُ أَقْرَبَ إلَى الصَّلَاحِ، وَأَبْعَدَ عَنْ الْفَسَادِ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نَزَلَ بِهِ وَحْيٌ)( ابن القيم / كتاب الطرق الحكمية في السياسة الشرعية) وهى:
اولا: تحرير اراده الامه و الحريه: فقد حث الاسلام عليها طبقا لمستواها الكلى ، وتاكيدا لذلك قال عمر بن الخطاب( رضى الله عنه)( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟) ( ابن عبد الحكم ، فتوح مصر و أخبارها : ص 290 – الكاندهلوى ، حياة الصحابة ، ج 2 ، ص 88 – علاء الدين المتقي بن حسام الدين الهندي ،كنز العمال : ج 12 / ص 660 ) . وتتضمن –طبقا لمستواها الجزئى “المعين ” تحرير الاراده الشعبية للامه على المستويين الوطنى والقومى – وهي هنا حل لمشاكل الاستبداد الداخلى والتبعية السياسية (الاستعمار بشكله القديم” القائم على الاحتلال العسكري” ، والجديد” الامبريالي القائم على التبعية الاقتصادية” ، و الاستيطاني ” ومنه الاحتلال الصهيوني لفلسطين”) ( كمظاهر لثنائيه الاستضعاف – الاستكبار السياسي الداخلي والخارجي).
ثانيا: العدالة الاجتماعية: وقد حث الاسلام عليها –طيقا لمستواها الكلى من خلال تقريره لشرطيها: الشرط الأول: تكافؤ الفرص كما فى قول عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) ( والله ما احد أحق بهذا المال من احد ، وما من احد إلا وله نصيب في هذا المال نصيب أعطيته أو منعته) . الشرط الثاني:عدالة توزيع الثروة الذي يتضمن عدالة الأجور كما فى قول عمر بن الخطاب في استخدام الصحابة في العمل فقال ( أما إن فعلت فأعنهم بالعمالة عن الخيانة ) .وهى – طبقا لمستواها الجزئى ” المعين” – حل لمشاكل التخلف والتبعية الاقتصاديين والظلم الاجتماعي (كمظاهر لثنائيه لمظاهر الاستضعاف – الاستكبار الاقتصادي).
ثالثا: الوحدة التكوينية (الوطنية والقومية “العربية” ) والتكليفية ( الدينية “الإسلامية”): وقد حث الاسلام عليها – طبقا لمستواها الكلى- كما فى قوله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ).وتتضمن – طبقا لمستواها الجزئى “المعين “السعى لتحقيق الوحده الو\نيه والقوميه والدينيه، طبقا لمفهوم واقعي – عملي “تدريجي /سلمى /مؤسساتي” – كحل لمشكلة التقسيم والتجزئة والتفتيت( كمظاهر لثنائية الاستكبار والاستضعاف الاجتماعى)
رابعا: الجمع بين الأصالة والمعاصرة “التجديد”: وقد حث الاسلام عليه –طبقا لمستواه الكلى- من خلال تقريره لمفهوم التجديد –الذى يحقق الجمع بينهما – والذي اشارت اليه النصوص كما فى قوله الرسول (صلى الله عليه وسلم) (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) (سنن أبى داود:ح رقم 3740 / الحاكم في المستدرك: 4/522) – وهو–طبقا لمستواه الجزئى “المعين ” – حل لمشاكل الهوية المتمثلة في الانشطار بين الجمود والتغريب الحضاري ( كمظاهر لثنائيه الاستضعاف – الاستكبار الحضاري). – كحل لمشكلة التقسيم والتجزئة والتفتيت( كمظاهر لثنائية الاستكبار والاستضعاف الاجتماعى).
أنماط تفعيل وتعطيل الاراده الشعبية للامة: وغاية الاستخلاف تفعيل الاراده الشعبية . أما غاية ثنائيه ” الاستكبار- الاستضعاف” فهى إلغائها– وهو ما يؤدى إلى تعطيلها وليس إلغائها ” لأنها غير قابله للالغاء” , وهناك أنماط متعددة لتفعيل وتعطيل الاراده الشعبية لامة التكوين “الامه العربية المسلمة”:
أولا : فى مرحله الاستخلاف العام الأول للامة:
ا/ التعطيل الاستبدادي”الداخلي “: وتمثل فى عدم الالتزام – بدرجات متفاوتة – بقيمه الشورى ،التي كانت متحققة في مرحلتي الاستخلاف الاصلى ” النبوي والراشدي”.
ب/ التعطيل الغزوى “الخارجي” : وتمثل في تعرض الامه لغزوات متتاليه” المغول والتتار، الصليبين، الاستعمار القديم …”.
ج/ التفعيل الزعامي : وتمثل في نجاح الاراده الشعبية للامة في تحقيق أهدافها، والتي تتضمن نجاحها في مقاومة وهزيمة الغزوات المتتالية ، من خلال توحدها خلف الزعماء التاريخيين الأمة عبر تاريخها “القديم والحديث والمعاصر”.
ثانيا: فى مرحله الاستخلاف العام الثاني للامة :
مرحله التعطيل الارتدادي للاراده الشعبيه العربيه على المستوى الرسمى: وهي مرحله الانتهاء ” الفعلي ” للاستخلاف العام الأول للامه، مع تضمنها مؤشرات لبداية الاستخلاف العام الثاني للامه . وهي المرحلة التي بدأت بالارتداد” السياسى” للرئيس/ محمد أنور السادات، بعد توليه السلطة في مصر1970،عن المواقف الوطنيه والقوميه للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، والتى كانت بمثابة خطوات كبيره، تجاه أهداف الاراده الشعبية لامه التكوين “الامه العربية المسلمه” ، فى الحرية والعدالة الاجتماعية والوحدة – رغم ما شاب تجربته من سلبيات – بتبنيه مواقف نقيضه ، ثم تبنى العديد من الأنظمة العربية نفس المواقف لاحقا. وفى هذه المرحلة تعطلت الاراده الشعبية لامه التكوين على المستوى السياسي ، نتيجة لتردى النظام السياسي العربي من التجزئة ” الشعوبية ” إلى التفتيت” الطائفي “، فضلا عن انزلاق بعض أجزائه نحو الفوضى لاحقا .
مرحله تفعيل الاراده الشعبيه لامه التكوين “الامه العربية المسلمه” على المستوى الشعبي: غير أن هذا التعطيل “الارتدادي” للاراده الشعبية لامة التكوين على المستوى الرسمي ، أدى إلى تفعيل الاراده الشعبية لها على مستوى آخر ، هو مستواها الشعبي ، فضلا عن انه مهد الطريق أمام انتقال الاراده الشعبية لها من نمط التفعيل الزعامي – المشار اليه اعلاه- الى نمط تفعيل آخر هو نمط التفعيل الجماهيري ، والذي دعمه تطور وسائل الإعلام والاتصال وظهور الخاصية التفاعلية للإعلام. . وتشمل هذه المرحلة مرحلتين هما:
ا/ مرحله التفعيل التلقائي: وفيها أخذت حركة الاراده الشعبيه لامه التكوين “الامه العربيه المسلمه” شكل رد فعل عاطفي ” انفعالي”، ضد مظاهر تردي النظام السياسي الرسمي العربي ، ومحاولات تطبيق المشاريع التي تهدف إلى – أو يلزم منها – إلغاء الإرادة الشعبية العربية”كمشروع الشرق الأوسط الجديد الامبريالي – الصهيوني” ..وقد حققت الاراده الشعبية العربية في هذه المرحلة العديد من الانتصارات الجماهيريه، بدون ان يدعمها او يمثلها نظام سياسى عربى معين . ويتمثل الامتداد الطبيعى لها فى المسار الأصلي للموجات الكمية لثورة الشباب العربي،والتى تتضمن موجتيها : الموجه الاولى، التي نجحت فى إسقاط عدد من الأنظمة الاستبدادية ، بأساليب سلمية في بعض الدول العربية، قبل أن تنجح النظم والقوى” العالمية والاقليميه والمحلية” ، التي تتعارض مصالحها مع غايات الاراده الشعبية العربي ،في تحويل مسارها في دول عربيه أخرى،إلى صراع طائفي مسلح بغرض تشويه صورتها ومن ثم منع انتشارها الى دول اخرى، باستخدام العديد من الاساليب اهمها أسلوب الإسقاط العنيف”. الموجة الثانية: وتتمثل فى الحراك الشعبي السلمي – والذي طليعته الشباب أيضا- في العديد من الدول العربية ،والذى نجح أيضا فى إسقاط العديد من الانظمة بأسلوب سلمى، وهى الموجة التى تعمل ذات النظم والقوى على إجهاضها وافراغها من مضمونها، من خلال العديد من الأساليب ، أهمها أسلوب “الهبوط الناعم” ،و الذي يتضمن :إجراء تغيير شكلى يشمل تغيير الأشخاص ، دون اى تغيير حقيقى السياسات الاقتصاديه والسياسيه والاجتماعيه… التى تتعارض مع غايات الاراده الشعبيه العربيه فى الحريه والعدالة الاجتماعية والوحدة … وستستمر هذه الموجات فى الظهور، حتى ارتقاء الى الموجات الكيفيه لثورة الشباب العربى- ونطلق عليها هذا الاسم لانها تتضمن تغيير لشكلها التلقائى الى شكل ارادى – التى ستاتى كامتداد للمرحلة الثانيه من مراحل تفعيل الارادة الشعبية للامه – على المستوى الشعبى”التفعيل القصدى “.
ب/ مرحله التفعيل القصدي: إن تردى النظام السياسي العربي نحو مزيد من التجزئة “التفتيت”، يزيد من احتمال انزلاقه نحو الفوضى – وخاصة أجزائه التي تتصف بضعف الروابط الوطنية والقومية ، لشيوع الطائفية أو القبلية أو العشائرية فيها – وهذا ما يقتضى ضرورة انتقال الاراده الشعبية للامه، إلى مرحله جديدة من مراحل تفعيلها، – وهى المرحله التى ستمثل مرحله تحقيق الاستخلاف العام الثانى للامه – وهي المرحلة القصدية ، والتي يجب ان تتجاوز فيها حركتها شكل رد الفعل العاطفي- التلقائي/ المؤقت- إلى شكل فعل عقلاني- مستمر – منظم / مؤسساتي ، يهدف إلى تحقيق ما هو ممكن من خطوات ، تجاه أهداف الارادة الشعبية للامة ، بأساليب سلمية.من خلال مبادرات شعبيه- مستقله- ديموقراطيه، تشمل كل مجالات الحياه “السياسيه، الاقتصاديه، الاجتماعيه…”، على المستويين الوطنى والقومى.
نحو مبادرة شعبية عربيه – اسلاميه للتوافق والإصلاح :والتنسيق بين هذه المبادرات الشعبيه هو الذى سيمثل ما يمكن ان نطلق عليه اسم المبادرة الشعبية العربيه – الاسلاميه للتوافق والإصلاح عاى المستوى القومى الشامل. ومضمونها رفض خيار ترك الامتداد التلقائي لواقع الاستقطاب”الصراع” السياسي،الاقتصادي،الاجتماعي”القبلي ،الطائفي…”، بالاستمرار في تكريس ما هو كائن، و الأخذ بجملة السياسات “السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه ..” ، التي تسهم – موضوعيا- في ابقاء المشاكل التى يطرحها الواقع دون حل فضلا عن تفاقمها. والاخذ بخيار التوافق ” المشاركة” السياسي ، الاقتصادي، الاجتماعي. والذى يقوم – في مجال التغيير- على إعطاء الأولوية للإصلاح كأسلوب للتغيير يتصف بالسلمية والتدرج – مع الإقرار بأن هذه الاولويه مشروطة بعدم اكتمال توافر شروط الثورة الذاتية والموضوعية- مع الالتزام بالسلميه حتى فى الحاله الاخيره – هذا الخيار يدعو إلى الأخذ بالرؤية الشاملة للعلاقة بين الإبعاد المتعددة للتغير، والتي تجعل العلاقة بين هذه الأبعاد المتعددة ، علاقة تحديد وتكامل وليست علاقة إلغاء وتناقض . وهو الخيار الوحيد ،الذي يمكن من خلاله، تقديم حلول صحيحة المشاكل التي يطرحها الواقع ،وتنفيذ ما هو ممكن من هذه الحلول.
مراحل التغيير: وهناك مرحلتين أساسيتين للتغير- تمثل أيضا مراحل لتحقيق الاستخلاف:
المرحلة الأولى”الاستطاعه”: هي مرحله الانتقال مما هو كائن، إلى ما هو ممكن ، والتي يمكن التعبير عنها بمصطلح الاستطاعة ، ومن أدلتها: تقرير النصوص لقواعد متعددة منها قاعدة الاستطاعة (فَاتّقُوا ْاللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ). ولهذه المرحلة مستويان :
1-مستوى أصلى : وهو مستواها الاعتقادى”الفكري”. ويتضمن الاجتهاد فى وضع الحلول النظريه للمشاكل التى يطرحها واقع الامه المعاصر
تيار الاستخلاف: ويتضمن هذا المستوى التاسيس لتيارالاستخلاف كتيار فكرى شامل ، لا يقصى اى فئه من فئات الامه ،ولا يشترط فيه الاتصال التنظيمى- وياخذ الالتزام بها اشكال متعدده ، تمثل المستويات المتعدده لهذا التيارالفكرى ، وهى:
ا/ التاسيس والامامه” الفكريه” : الاجتهاد العلمى فى وضع هذه الحلول النظريه، بماهى غايات للاراده الشعبيه للامه ، وشروط مقيده اجتهاديه للاستخلاف.
ب/الطليعيه “الفكريه “: نشر الوعى “النظرى” بها.
ج/ القاعديه الفكريه: التبنى “الفكرى” لها، استنادا الى ادلتها ” اى بدون التقليد المنهى عنه”.
2-مستوى فرعى: وهو مستواها العملي”التطبيقي”. ويتضمن ان تنبثق من هذا التيارالفكرى الشامل مبادرات شعبيه منظمه “مؤسسسيه”، تسعى لتحقيق ما هو ممكن من هذه الحلول النظريه، فى الواقع العملى للامه ، باساليب سلميه وشكل تدريجى.
المرحلة الثانية “العزم” : هي مرحله الانتقال مما هو ممكن إلى ما ينبغي أن يكون ، ويمكن التعبير عنها بمصطلح العزم ، و من أدلتها مفهوم العزم الذي يرتبط بما ينبغي أن يكون كما في قوله ( وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ )( الشورى: 43 ) ، وهذه المرحلة لها مستويان :
1-مستوى أصلى: هو مستواها العملي”التطبيقي” . ويتضمن الانتقال مما هو ممكن الى ما ينبغى ان يكون. باكمال التنفيذ العملى لكل هذه الحلول النظريه فى واقع الامه.
2-مستوى فرعي: هو مستواها الاعتقادي”الفكري”. ويتضمن الاجتهاد العلمى فى وضع حلول نظريه جديده، للمشاكل الجديده التى سيطرحها الواقع العملى للامه، بعد حل المشاكل السابقه.


الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات https://drsabrikhalil.wordpress.com

أضف تعليق